وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: إنْ قُلْنَا " يَتَزَوَّجُ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ " فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ فِي إيجَابِهِ وَقَبُولِهِ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.
وَهُوَ الصَّوَابُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ: هَلْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ أَمْ لَا؟ وَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ: هَلْ لِلْوَكِيلِ الْمُطَلِّقِ فِي النِّكَاحِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ .
قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ فِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ الْعِبَادَاتِ) . كَالصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْمَنْذُورَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ فَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا، إلَّا الصَّوْمَ الْمَنْذُورَ يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَكَالَةٍ. وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْحَجِّ، وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِيهِ تَدْخُلُ تَبَعًا لَهُ. قَوْلُهُ (وَالْحُدُودُ فِي إثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَصَرُوهُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي إثْبَاتِهِ، وَتَصِحُّ فِي اسْتِيفَائِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute