قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ فِي حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَغَيْبَتِهِ، إلَّا الْقِصَاصُ وَحَدُّ الْقَذْفِ، عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ فِي غَيْبَتِهِ) . مِنْهُمْ ابْنُ بَطَّةَ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ، عَنْ هَذَا الْقَوْلِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ اسْتِيفَائِهِمَا فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ اُسْتُوْفِيَ الْقِصَاصُ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ: فَفِي ضَمَانِ الْمُوَكِّلِ وَجْهَانِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ. فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِأَنَّ عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ، حَيْثُ حَصَلَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ. فَهُوَ كَمَا لَوْ عَفَا بَعْدَ الرَّمْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَهِيَ: الْبِنَاءُ عَلَى انْعِزَالِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَزِلُ صَحَّ الْعَفْوُ، وَضَمِنَ الْوَكِيلُ. وَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ لِتَغْرِيرِهِ. وَالثَّانِي: لَا. فَعَلَى هَذَا: فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَكِيلِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، لِأَنَّهُ خَطَأٌ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: فِي مَالِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute