للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ: إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ: لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ. وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَامِّيُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ عَفْوِهِ، وَتَرَدُّدًا بَيْنَ تَغْرِيرِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَزِلُ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ. وَهَلْ تَكُونُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ. وَزَادَ: وَإِذَا قُلْنَا فِي مَالِهِ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَجُوزُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ، وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ) . يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ: هَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْمَلُهُ وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ الْوَصِيَّ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ وَعَدَمِهِ كَالْوَكِيلِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا. وَهُوَ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ رَزِينٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي الْوَكِيلِ. وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوِلَايَةِ، وَلَيْسَ تَوْكِيلًا مَحْضًا. فَإِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ وَلِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ وَأَمَانَتُهُ. وَأَمَّا إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْوَصِيِّ إلَى غَيْرِهِ: فَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>