وَأَمَّا الْحَاكِمُ: فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا: أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي جَوَازِ اسْتِنَابَةِ غَيْرِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَيْضًا. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْخِلَافِ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنِّفِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَالِاسْتِخْلَافُ. وَإِنْ مَنَعْنَا الْوَكِيلَ مِنْهَا. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَابْنِ عَقِيلٍ. وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ بِنَائِبٍ لِلْإِمَامِ. بَلْ هُوَ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ وِلَايَةٍ. وَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ. فَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي وِلَايَتِهِ حُكْمَ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ تَوَلِّيَ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِنَفْسِهِ، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِ النَّاسِ الْعَامَّةِ فَأَشْبَهَ مَنْ وُكِّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ مُبَاشَرَتُهُ عَادَةً لِكَثْرَتِهِ. انْتَهَى.
وَأُلْحِقَ بِالْحَاكِمِ أَمِينُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.
فَوَائِدُ
تُشْبِهُ مَا تَقَدَّمَ. مِنْهَا: الشَّرِيكُ، وَالْمُضَارِبُ: هَلْ لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا أَمْ لَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ، وَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا هُنَاكَ.
وَمِنْهَا: الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ: هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ لَا؟ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ مُجْبِرًا: فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ تَوْكِيلِهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمَرْأَةِ. وَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ إذْنُهَا. وَقَطَعَ بِهَذَا الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبِرٍ: فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ. وَإِنْ مَنَعْنَا الْوَكِيلَ مِنْ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute