قَوْلُهُ (وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ: ضَمِنَهُ) . سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. وَمَفْهُومُهُ: أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ لَا يَضْمَنُهُ، كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَالصَّائِلِ، وَالْعَبْدِ فِي حَالِ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ وَنَحْوِهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُحْتَرَمًا ضَمِنَهُ " الْحَرْبِيُّ إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْمُسْلِمِ. فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ.
فَوَائِدُ: مِنْهَا: قَالَ فِي الْفَائِقِ، قُلْت: وَلَوْ أَتْلَفَ لِغَيْرِهِ وَثِيقَةً بِمَالٍ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ الْمَالُ إلَّا بِهَا فَفِي إلْزَامِهِ مَا تَضَمَّنْته احْتِمَالَانِ.
إحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ. كَقَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ. انْتَهَى. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، فِي بَابِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ: وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ، قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ، وَمَعًا عَشْرَةٌ: ضَمِنَ ثَمَانِيَةً قِيمَةَ الْمُتْلَفِ خَمْسَةٌ وَنَقْصَ التَّفْرِقَةِ ثَلَاثَةٌ. وَقِيلَ: دِرْهَمَيْنِ. وَلَا قَطْعَ. قَالَ: وَضَمَانُ مَا فِي وَثِيقَةٍ أَتْلَفَهَا إنْ تَعَذَّرَ: يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَيْهَا. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: وَقَدْ يَخْرُجُ الضَّمَانُ لِلْوَثِيقَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ. فَإِنَّهَا تَقْتَضِي إحْضَارَ الْمَكْفُولِ، أَوْ ضَمَانَ مَا عَلَيْهِ. وَهُنَا: إمَّا أَنْ يُحْضِرَ الْوَثِيقَةَ، أَوْ يَضْمَنَ مَا فِيهَا إنْ تَعَذَّرَتْ.
وَمِنْهَا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مُكْرِهُهُ. قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ " الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ " وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute