للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً: فَعَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَلَبَهُ رِيحٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَارِثِيِّ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: لَا تُضْمَنُ مُنْحَدِرَةٌ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: السَّفِينَةُ كَدَابَّةٍ، وَالْمَلَّاحُ: كَرَاكِبٍ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ: سَوَاءٌ فَرَّطَ الْمُصْعِدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي. وَأَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: إنْ فَرَّطَ الْمُصْعِدُ، بِأَنْ أَمْكَنَهُ الْعُدُولَ بِسَفِينَتِهِ، وَالْمُنْحَدِرُ غَيْرُ قَادِرٍ وَلَا مُفَرِّطٌ: فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُصْعِدِ. لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُصْعِدَ يُؤَاخِذُ بِتَفْرِيطِهِ. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَلَّاحِ: إنْ تَلِفَ الْمَالُ بِغَلَبَةِ رِيحٍ. وَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّدْمَ: فَشَرِيكَانِ فِي إتْلَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَنْ فِيهِمَا. فَإِنْ قُتِلَ فِي الْغَالِبِ: فَالْقَوَدُ، وَإِلَّا شِبْهَ عَمْدٍ. وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الْمُصَادِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ عَمْدٍ. وَلَوْ حَرَقَهَا عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ، أَوْ خَطَأً: عُمِلَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إنْ عَمَدَ مَا لَا يُهْلِكُ غَالِبًا: فَشِبْهُ عَمْدٍ. وَكَذَا مَا لَوْ قَصَدَ إصْلَاحَهَا، فَقَطَعَ لَوْحًا. أَوْ أَصْلَحَ مِسْمَارًا، فَخَرَقَ مَوْضِعًا. حَكَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحِ أَنَّهُ خَطَأٌ مَحْضٌ. لِأَنَّهُ قَصَدَ فِعْلًا مُبَاحًا. وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ فَغَرَّقَهَا وَمَا فِيهَا، أَوْ نِصْفَهُ، أَوْ بِحِصَّتِهِ؟ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ: يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>