قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا جَاوَزَ بِالدَّابَّةِ مَكَانَ الْإِجَارَةِ. أَوْ حَمَّلَهَا زِيَادَةً عَلَى الْمَأْجُورِ، فَتَلِفَتْ. أَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا. فَقَتَلَهُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُنَاكَ: أَنَّهُ يَضْمَنُهُ جَمِيعَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فِي كِتَابِ الْحُدُودِ. فَكَذَلِكَ هُنَا. وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ: أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا فِيهَا. ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ الْإِجَارَةِ. وَجَعَلَهُ أَصْلًا لَمَا إذَا زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَامِلَةً وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: جَعَلَهَا أَصْلًا فِي وُجُوبِ ضَمَانِ الدَّابَّةِ كَامِلَةً، إذَا جَاوَزَ بِهَا مَكَانَ الْإِجَارَةِ، أَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا. وَلَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ: فَعَلَى الرُّكْبَانِ إلْقَاءُ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ حَسَبَ الْحَاجَةِ. وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الدَّوَابِّ، حَيْثُ أَمْكَنَ التَّخْفِيفُ بِالْأَمْتِعَةِ. وَإِنْ أَلْجَأَتْ ضَرُورَةٌ إلَى إلْقَائِهَا: جَازَ. صَوْنًا لِلْآدَمِيِّينَ. وَالْعَبِيدُ: كَالْأَحْرَارِ. وَإِنْ تَقَاعَدُوا عَنْ الْإِلْقَاءِ مَعَ الْإِمْكَانِ: أَثِمُوا. وَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَدَمَهُ.
وَالثَّانِي: يَضْمَنُ. وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ. وَلَوْ أَلْقَى مَتَاعَهُ، وَمَتَاعَ غَيْرِهِ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ إلْقَاءِ مَتَاعِهِ: فَلِلْغَيْرِ إلْقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ. لَكِنْ يَضْمَنُهُ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَضْمَنُ. اعْتِبَارًا بِدَفْعِ الصَّائِلِ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُهُ. بِنَاءً عَلَى انْتِفَاءِ الضَّمَانِ بِمَا لَوْ أَرْسَلَ صَيْدًا مِنْ يَدِ مُحْرِمٍ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute