فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لَا يَفْضُلُ عَنْ أَحَدِهِمَا: سَقَى مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ، ثُمَّ يَتْرُكُهُ لِلْآخَرِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِجَمِيعِ الْمَاءِ، لِمُسَاوَاةِ الْآخَرِ لَهُ. وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ لِلتَّقَدُّمِ، بِخِلَافِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَسْفَلِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْأَسْفَلِ حَقٌّ إلَّا فِي الْفَاضِلِ عَنْ الْأَعْلَى. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ وَاضِحٌ. إنْ كَانَتْ أَرْضُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْضِ الْآخَرِ: قُسِمَ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ احْتَاجَ الْأَعْلَى إلَى الشُّرْبِ ثَانِيًا، قَبْلَ انْتِهَاءِ سَقْيِ الْأَرَاضِي: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَنَصَرَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَرَادَ إنْسَانٌ إحْيَاءَ أَرْضٍ، بِسَقْيِهَا مِنْهُ: جَازَ. مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ) . إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، أَوْ سَيْلٍ. فَجَاءَ إنْسَانٌ لِيُحْيِيَ مَوَاتًا أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ النَّهْرِ مِنْ أَرْضِهِمْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ قَبْلَهُمْ، عَلَى الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ الْحَارِثِيُّ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَعُمُومُهَا: يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ السَّبْقِ إلَى أَعْلَى النَّهْرِ مُطْلَقًا. قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَهَلْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ إحْيَاءِ ذَلِكَ الْمَوَاتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُمْ مَنْعُهُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إيرَادِ الْكِتَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute