فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ سَبَقَ إلَى مَسِيلِ مَاءٍ أَوْ نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ. فَأَحْيَا فِي أَسْفَلِهِ مَوَاتًا ثُمَّ أَحْيَا آخَرُ فَوْقَهُ، ثُمَّ أَحْيَا ثَالِثٌ فَوْقَ الثَّانِي: كَانَ لِلَّذِي أَحْيَا السُّفْلَ أَوَّلًا. ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثِ. فَيُقَدَّمُ السَّبْقُ إلَى الْإِحْيَاءِ عَلَى السَّبْقِ إلَى أَوَّلِ النَّهْرِ. وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ يَنْعَكِسُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ الْمَاءُ بِنَهْرٍ مَمْلُوكٍ، كَمَنْ حَفَرَ نَهْرًا صَغِيرًا سَاقَ إلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ نَهْرٍ كَبِيرٍ. فَمَا حَصَلَ فِيهِ مِلْكُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِنَا " إنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ " أَنَّ حُكْمَ هَذَا الْمَاءِ فِي هَذَا النَّهْرِ: حُكْمُهُ فِي نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ. لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي نَهْرِهِ: كَدُخُولِهِ فِي قِرْبَتِهِ، وَرَاوِيَتِهِ، وَمَصْنَعِهِ. وَعِنْدَ الْقَاضِي، وَمَنْ وَافَقَهُ: أَنَّ الْمَاءَ بَاقٍ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، إلَّا أَنَّ مَالِكَ النَّهْرِ أَحَقُّ بِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ، عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ. فَإِنْ كَفَى جَمِيعَهُمْ: فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ، وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ بِالْمُهَايَأَةِ، أَوْ غَيْرِهَا: جَازَ. فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي قِسْمَتِهِ: قَسَمَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ. فَيَأْخُذُ خَشَبَةً صُلْبَةً، أَوْ حَجَرًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ. فَيُوضَعُ عَلَى مَوْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ فِي مَصِّ دَمِ الْمَاءِ. فِيهِ حُزُوزٌ، أَوْ ثُقُوبٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي السَّعَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ. يَخْرُجُ مِنْ حَزٍّ أَوْ ثَقْبٍ إلَى سَاقِيَّةٍ مُفْرَدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. فَإِذَا حَصَلَ فِي سَاقِيَّتِهِ: فَلَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ يَسْقِي بِهِ. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُغْنِي، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. وَغَيْرِهِمْ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute