للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ سَقْيُ أَرْضٍ لَهَا رَسْمُ شِرْبٍ مِنْ هَذَا الْمَاءِ. انْتَهَى. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي سَاقِيَّتِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِمَا أَحَبَّ: مِنْ عَمَلِ رَحًى عَلَيْهَا، أَوْ دُولَابٍ، أَوْ عَبَّارَةٍ وَهِيَ خَشَبَةٌ تُمَدُّ عَلَى طَرِيقِ النَّهْرِ أَوْ قَنْطَرَةٌ يُعْبَرُ الْمَاءُ فِيهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ. فَأَمَّا النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ: فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْقَاضِي، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: هَلْ لَهُ أَنْ يُنَصِّبَ عَبَّارَةً يَجْرِي الْمَاءُ فِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. نُصَّ عَلَيْهِمَا فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لِيَسْقِيَ زَرْعَهُ، وَكَانَ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ، هَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. كَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هُنَا. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ هَذَا عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ) بِلَا نِزَاعٍ. وَسَوَاءٌ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَمَنْ أَحْيَا مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْهُ. لَكِنْ لَوْ زَالَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. فَهَلْ يَجُوزُ نَقْضُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَجُزِمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَقِيلَ: يَجُوزُ نَقْضُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. قَوْلُهُ (وَمَا حَمَاهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ، فَهَلْ يَجُوزُ نَقْضُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>