قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْإِبْقَاءُ، مَا لَمْ يَفْسُدْ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ، عَلَى مَا مَرَّ نَصُّهُ فِي الشَّاةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. فَإِذَا دَنَا الْفَسَادُ فَرِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِيَةُ: الْبَيْعُ وَحِفْظُ الثَّمَنِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ. انْتَهَى. وَمَعَ تَعَذُّرِ الْبَيْعِ أَوْ الصَّدَقَةِ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ. وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا: يُبَاعُ. فَإِنَّ الْبَائِعَ الْمُلْتَقِطُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ أَوْ لَا. وَعَنْهُ: يَبِيعُ الْيَسِيرَ، وَيَرْفَعُ الْكَثِيرَ إلَى الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ: يَبِيعُهُ كُلَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَاكِمُ، وَإِلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ كَالْعِنَبِ فَيَفْعَلَ مَا يَرَى فِيهِ الْحَظَّ لِمَالِكِهِ) . أَيْ مِنْ التَّجْفِيفِ وَالْبَيْعِ وَالْأَكْلِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالسَّامِرِيُّ: الْأَكْلَ. لِأَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْلَ انْقِضَاءِ التَّعْرِيفِ فِيمَا يَبْقَى. وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ. وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْأَحَظِّ مِنْ التَّجْفِيفِ وَالْبَيْعِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى. وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَإِسْحَاقَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذَا النَّوْعِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ. وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ أَبِي مُوسَى. قَالَ: فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute