تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: أَنَّهُ لَا تَصِحُّ هِبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ. إنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: يَصِحُّ هُنَا، مَعَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ.
قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ. بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْإِمَاءِ فِي الْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا، إلَى أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ، فَتَعْتِقَ. وَتَخْرُجَ مِنْ الْهِبَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ) . اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ الْمَجْهُولَ: تَارَةً يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ. وَتَارَةً لَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ. فَإِنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصُّلْحِ عَلَى الْمَجْهُولِ الْمُتَعَذِّرِ عِلْمُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَهُوَ الصِّحَّةُ. قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. لِإِطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي هِبَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَحَرْبٍ الْآتِيَتَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ عِلْمُهُ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. نَقَلَ حَرْبٌ: لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ أَيْضًا: إذَا قَالَ " شَاةً مِنْ غَنَمِي " يَعْنِي وَهَبْتهَا لَهُ لَمْ يَجُزْ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْجَهْلَ إذَا كَانَ مِنْ الْوَاهِبِ: مَنَعَ الصِّحَّةَ. وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ: لَمْ يَمْنَعْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute