للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ. كَقَوْلِهِ " مَا أَخَذْت مِنْ مَالِي فَهُوَ لَك " أَوْ " مَنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَالِي: فَهُوَ لَهُ ". وَاخْتَارَ الْحَارِثِيُّ: صِحَّةَ هِبَةِ الْمَجْهُولِ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ قَالَ " خُذْ مِنْ هَذَا الْكِيسِ مَا شِئْت " كَانَ لَهُ أَخْذُ مَا فِيهِ جَمِيعًا. وَلَوْ قَالَ " خُذْ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ مَا شِئْت " لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَهَا كُلَّهَا. إذْ الْكِيسُ ظَرْفًا. فَإِذَا أَخَذَ الْمَظْرُوفَ: حَسُنَ أَنْ " يَقُولَ أَخَذْت مِنْ الْكِيسِ مَا فِيهِ " وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَقُولَ " أَخَذْت مِنْ الدَّرَاهِمِ كُلَّهَا " نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ عَنْ نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ.

قَوْلُهُ (وَلَا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) . يَعْنِي لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: تَصِحُّ هِبَتُهُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ: جَوَازُ هِبَةِ الْمَعْدُومِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صِحَّةَ هِبَةِ الْمَعْدُومِ. كَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ بِالسَّنَةِ. قَالَ: وَاشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ هُنَا: فِيهِ نَظَرٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ جَوَازَ تَعْلِيقِهَا عَلَى شَرْطٍ. قُلْت: وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفَائِقِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَلَا شَرَطَ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا، نَحْوَ: أَنْ لَا يَبِيعَهَا، وَلَا يَهَبَهَا) . هَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ بِلَا نِزَاعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>