لَكِنْ هَلْ تَصِحُّ الْهِبَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: الصِّحَّةُ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَوْقِيتُهَا. كَقَوْلِهِ. وَهَبْتُك هَذَا سَنَةً) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ. وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ الْجَوَازَ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ (إلَّا فِي الْعُمْرَى، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ أَرْقَبْتُكَهَا، أَوْ جَعَلْتهَا لَك عُمُرَك، أَوْ حَيَاتَك) . وَكَذَا قَوْلُهُ (أَعْطَيْتُكَهَا) أَوْ " جَعَلْتهَا لَك عُمْرَى، أَوْ رُقْبَى أَوْ مَا بَقِيت " فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَتَكُونُ لِلْمُعَمَّرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ (وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ) . هَذِهِ " الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى " وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ. وَتَكُونُ لِلْمُعَمَّرِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: " الْعُمْرَى " الْمَشْرُوعَةُ، أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك لَا غَيْرُ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ، وَابْنُ هَانِئٍ: مَنْ يُعْمَرُ الْجَارِيَةَ، هَلْ يَطَؤُهَا؟ قَالَ: لَا أَرَاهُ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ. لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَالصَّوَابُ تَحْرِيمُهُ، وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ بِالْعُمْرَى قَاصِرٌ.
فَائِدَةٌ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهَا إلَى الْمُعَمِّرِ بِكَسْرِ الْمِيمِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ قَالَ: هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا) (صَحَّ الشَّرْطُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute