وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَوَاضِعَ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْوَصِيَّةِ قَبُولٌ. فَيَمْلِكُهُ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ. وَهُوَ وَجْهٌ لِلْأَصْحَابِ. حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. انْتَهَى. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْوَصِيَّةَ بِلَا قَبُولِهِ كَالْمِيرَاثِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَمَنْ تَابَعَهُ: وَطْؤُهُ الْأَمَةَ الْمُوصَى بِهَا: قَبُولٌ، كَرَجْعَةٍ، وَبَيْعِ خِيَارٍ.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يَكْفِي الْفِعْلُ قَبُولًا.
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَاخْتَارَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ فِي الْمُبْهَمِ بِدُونِ قَبْضٍ. وَخَرَّجَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَجْهًا ثَالِثًا: أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِدُونِ الْقَبْضِ، سَوَاءٌ كَانَ مُبْهَمًا، أَوْ لَا. كَالْهِبَةِ.
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْخَمْسِينَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ: يَقُومُ مَقَامَ الْقَبُولِ. لِأَنَّ سَبَبَ الْمَلِكِ قَدْ اسْتَقَرَّ لَهُ اسْتِقْرَارًا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ مِنْ وَارِثِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ. وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْأَصْحَاب فِيمَا نَعْلَمُهُ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ. وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ وَاحِدًا، أَوْ جَمْعًا مَحْصُورًا. فَأَمَّا إذَا كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ، أَوْ الْمَسَاكِينِ مَثَلًا أَوْ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ كَالْمَسَاجِدِ، وَالْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ. قَوْلًا وَاحِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute