قَوْلُهُ (فَإِنْ عَيَّنَهُ فِي الْوَصِيَّةِ، فَقَالَ: يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِأَلْفٍ، فَأَبَى الْحَجَّ وَقَالَ: اصْرِفُوا لِي الْفَضْلَ: لَمْ يُعْطَهُ. وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) . يَعْنِي مِنْ أَصْلِهَا إذَا كَانَ تَطَوُّعًا. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. فَإِنَّ كَلَامَهُمْ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ لَا غَيْرَ، وَيُحَجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ، أَوْ أُجْرَةٍ. وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ (لَمْ يُعْطَهُ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِ) وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ. وَذَكَرَهَا ابْنُ مُنَجَّا فِي الْمَتْنِ وَلَمْ يَشْرَحْهَا. بَلْ عَلَّلَ الْبُطْلَانَ فَقَطْ. فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مَعَ أَنَّ النُّسْخَةَ الْأُولَى لَا تَأْبَى ذَلِكَ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ قَدْ جَزَمَ بِهَذَا الْوَجْهِ هُنَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ النَّاظِمُ قَوْلًا: أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَلْفِ لِلَّذِي حَجَّ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ: إذَا كَانَ الْمُوصِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَأَبَى مَنْ عَيَّنَهُ: فَإِنَّهُ يُقَامُ غَيْرُهُ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ. وَالْفَضْلُ لِلْوَرَثَةِ. وَلَا تَبْطُلُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَيُحْسَبُ الْفَاضِلُ فِي الثُّلُثِ عَنْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ، أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْفَرْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute