الرَّابِعَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ مَا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. وَذَكَرُوا صِحَّةَ ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ. قَالَ: وَهَذَا مِثْلُهُ. يُؤَيِّدُهُ: أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد " أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ، وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ خِدْمَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَاشَ " قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ. لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ. انْتَهَى. قُلْت: صَرَّحَ بِذَلِكَ أَعْنِي بِجَوَازِ ذَلِكَ فِي الْقَوَاعِدِ، فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ: صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ فِي الْوَلَاءِ: وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ: عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ. فَهُوَ مِثْلُ الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ. وَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَهُمَا، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِمَا. انْتَهَيَا. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا: هَلْ هُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، أَوْ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ؟ وَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ: هَلْ تَصِحُّ الْكِتَابَةُ حَالَّةً؟ .
السَّادِسَةُ: لَوْ قَالَ " إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ " فَهُوَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ. لَا يَبْطُلُ مَا دَامَ مِلْكُهُ. وَلَا يُعْتَقُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهَا، بَلْ بِدَفْعِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَمَا فَضَلَ عَنْهَا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ. وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ. إذًا لَا مِلْكَ لَهُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ " إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ. فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute