قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَعْتِقَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْآخَرُ. وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ بِإِذْنِ الْآخَرِ: عَتَقَ نَصِيبُهُ. وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا. وَعَلَيْهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَيَضْمَنُهُ فِي الْحَالِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا مُبْقًى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ. وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي: لَا يَسْرِي الْعِتْقُ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَسْرِي عِنْدَ عَجْزِهِ. فَعَلَى قَوْلِهِمَا: يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى الْكِتَابَةِ. فَإِنْ أَدَّى إلَى الْآخَرِ: عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا. وَمَا يَبْقَى فِي يَدِهِ مِنْ كَسْبِهِ فَهُوَ لَهُ. وَإِنْ عَجَزَ وَفُسِخَتْ كِتَابَتُهُ: قُوِّمَ عَلَى الَّذِي أَدَّى إلَيْهِ. وَكَانَ وَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَالَ الْقَاضِي: وَيَطَّرِدُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي دَيْنٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي قَبْضِ نَصِيبِهِ: لَا يَقْبِضُ إلَّا بِقِسْطِ حَقِّهِ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ فِي الْأَصَحِّ كَمَسْأَلَتِنَا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا، فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ. فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمْ: شَارَكَهُمَا فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ: الْخِرَقِيُّ، فَمَنْ بَعْدَهُ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهَا) بِلَا نِزَاعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute