وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قَالَ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: أَصْلُهُمَا الْمُفْلِسُ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ: هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الِاكْتِسَابِ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ: أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْبَرُ. فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهَا تُسْتَسْعَى.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِسُؤَالِهِ أَوَّلًا: عَتَقَ مَجَّانًا. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ. وَإِنْ قَالَ " أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي، أَوْ أَمَتِي " فَفَعَلَ: عَتَقَ. وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا يُسْتَحَقُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ. قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي نِكَاحٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَتَوَجَّهُ صِحَّةُ السَّلَفِ فِي الْعُقُودِ كَمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ. وَيَصِيرُ الْعَقْدُ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْمُسْتَسْلِفِ إنْ فَعَلَ، وَإِلَّا قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ؛ وَلِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الثَّوَابُ.
الرَّابِعَةُ: الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ: كَالْقِنِّ فِي جَعْلِ عِتْقِهِنَّ صَدَاقَهُنَّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ ثَابِتَةٌ فِيهِنَّ كَالْقِنِّ. وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا فِي الْمُكَاتَبَةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ إذْنِهَا. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَصَّ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ. وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا: فَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِأَنَّهَا كَالْقِنِّ فِي ذَلِكَ. وَتَبِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْحَلْوَانِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute