وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ: فَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْجَامِعِ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهَا كَالْقِنِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ: يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُمْ أَحْكَامُ الْإِمَاءِ. وَهَذَا الْعِتْقُ الْمُعَجَّلُ لَيْسَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ. وَلِهَذَا يَصِحُّ كِتَابَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ جَعْلُ عِتْقِهَا صَدَاقَهَا. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي عَلَى ظَهْرِ خِلَافِهِ، مُعَلِّلًا بِأَنَّ عِتْقَهَا مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ. فَيَكُونُ الصَّدَاقُ هُوَ تَعْجِيلُهُ. وَذَلِكَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا. قَالَ الْخَلَّالُ: قَالَ هَارُونُ الْمُسْتَمْلِي لِأَحْمَدَ: أُمُّ وَلَدٍ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى تَزْوِيجِهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا؟ قَالَ: لَا، حَتَّى يُعْلِمَهَا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ؟ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ التَّزْوِيجَ الْآنَ. وَإِلَّا فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُعْلِمَهَا. فَلَعَلَّهَا لَا تُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ وَهِيَ أَمْلَكُ بِنَفْسِهَا. فَيُحْتَمَلُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا مُنَجِّزًا. ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ. وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: صِحَّتُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالسَّيِّدِ.
السَّادِسَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ " أَعْتَقْت أَمَتِي وَزَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَلْفٍ " فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: جَوَازُهُ. فَإِنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ " أَعْتَقْتهَا وَأَكْرَيْتُهَا مِنْك سَنَةً بِأَلْفٍ " وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ.
السَّابِعَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا قَالَ " أَعْتَقْتُك وَتَزَوَّجْتُك عَلَى أَلْفٍ " فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ هُنَا، إذَا قِيلَ بِهِ فِي إصْدَاقِ الْعِتْقِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. وَعَلَّلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute