وَعَنْهُ: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالصِّنَاعَةَ وَالْيَسَارَ مِنْ شُرُوطِ الْكِفَاءِ أَيْضًا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّ فَقْدَ الثَّلَاثَةِ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ. قَوْلًا وَاحِدًا. وَأَمَّا فَقْدُ الدِّينِ، وَالْمَنْصِبِ، فَقِيلَ: يُبْطِلُ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: الْمُبْطِلُ فَقْدُ الْمَنْصِبِ. ذَكَرَهُ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي نُكَتِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الَّذِي يَقْوَى عِنْدِي وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ فَقْدَ شَرْطٍ وَاحِدٍ مُبْطِلٌ. وَهُوَ النَّسَبُ. وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَنَّ " الْحُرِّيَّةَ " مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ. وَاخْتَارَ الشِّيرَازِيُّ: أَنَّ " الْيَسَارَ " مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمْ أَجِدْ نَصًّا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ لِفَقْرٍ أَوْ رِقٍّ. وَلَمْ أَجِدْ أَيْضًا عَنْهُ نَصًّا بِإِقْرَارِ النِّكَاحِ مَعَ عَدَمِ الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ، خِلَافًا. وَاخْتَارَ أَنَّ النَّسَبَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي الْكَفَاءَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣] . وَقِيلَ: الْكَفَاءَةُ النَّسَبُ فَقَطْ. وَهُوَ تَوْجِيهٌ لِلْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ: إذَا قُلْنَا الْكَفَاءَةُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى: اُعْتُبِرَ " الدِّينُ " فَقَطْ، قَالَ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيهِ تَسَاهُلٌ، وَعَدَمُ تَحْقِيقٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute