وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ: رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، فَقَالَ " الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِطَ حُرِّيَّتَهَا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ. فَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْعَقْدِ: فَهُوَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ. فَلَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ " انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ، مَعَ إيهَامِهِ بِقَرِينَةِ حُرِّيَّتِهَا. وَفِي الْمُغْنِي أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ الْغَارُّ أَجْنَبِيًّا كَوَكِيلِهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي: هُوَ إطْلَاقُ نُصُوصِهِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَلَّسَ غَيْرُ الْبَائِعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ مَعَ الظَّنِّ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ. إذْ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَضَوْا بِالرُّجُوعِ لَمْ يَسْتَفْصِلُوا. وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ: أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي الرُّجُوعِ فِي الْعَيْبِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ:
لِمُسْتَحِقِّ الْفِدَاءِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ ابْتِدَاءً. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: كَمَا لَوْ مَاتَ عَبْدًا أَوْ عَتِيقًا أَوْ مُفْلِسًا. وَجَعَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَكَذَلِكَ أَشَارَ إلَيْهِ جَدُّهُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَيَرْجِعُ هَذَا إلَى أَنَّ الْمَغْرُورَ: هَلْ يُطَالَبُ ابْتِدَاءً بِمَا يَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَى الْغَارِّ، أَمْ لَا يُطَالَبُ بِهِ سِوَى الْغَارُّ؟ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ هُنَا. وَمَتَى قُلْنَا: يُخَيَّرُ بَيْنَ مُطَالَبَةِ الزَّوْجِ وَالْغَارِّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، أَوْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute