للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ سِوَى مُطَالَبَةِ الْغَارِّ ابْتِدَاءً، وَكَانَ الْغَارُّ مُعْسِرًا وَالْآخَرُ مُوسِرًا: فَهَلْ يُطَالَبُ هُنَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ. وَقَدْ تُشْبِهُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كَانَتْ عَاقِلَةَ الْقَاتِلِ خَطَأً مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَقْلَ. فَهَلْ يَحْمِلُ الْقَاتِلُ الدِّيَةَ، أَمْ لَا؟ انْتَهَى.

تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ الْقَاضِي: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: كُنْت أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ هِبَتُهُ. وَكَأَنِّي أَمِيلُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَحَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ. وَحَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ بِعَدَمِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: يَجِبُ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. الثَّانِي قَوْلُهُ (وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ) إنْ كَانَ الْغَارُّ السَّيِّدَ: عَتَقَتْ إذَا أَتَى بِلَفْظِ الْحُرِّيَّةِ، وَزَالَتْ الْمَسْأَلَةُ. وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ: لَمْ تُعْتَقْ، وَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي وُجُوبِ شَيْءٍ لَهُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>