قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصْدَقَ بَنَاتِهِ غَيْرَ مَا أَصْدَقَهُ زَوْجَاتِهِ» ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ «أَنَّهُ أَصْدَقَ نِسَاءَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا» وَالنَّشُّ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ. وَهُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ. وَهُوَ الصَّوَابُ، مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ. فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. بَلْ يَكُونُ بُلُوغُهُ مُبَاحًا. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَلَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ وَلَا أَكْثَرُهُ، بَلْ كُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً: جَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ يَحْصُلُ. فَلَا يَجُوزُ عَلَى فَلْسٍ وَنَحْوِهِ. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَفَسَّرُوهُ بِنِصْفٍ يَتَحَوَّلُ عَادَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هَذَا الشَّرْطُ. وَكَذَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى بَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ضِمْنِ، كَلَامٍ لَهُ فَجَوَّزَ الصَّدَاقَ بِالْحَبَّةِ وَالتَّمْرَةِ الَّتِي يُنْتَبَذُ مِثْلُهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ:
ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَا يَنْقُصُ الْمَهْرُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) يَعْنِي الْحُرَّ (عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute