الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ لِمَنْ صَوْمُهُ نَفْلٌ أَوْ هُوَ مُفْطِرٌ. قَالَهُ الْقَاضِي. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ لِلصَّائِمِ إنْ كَانَ يُجْبِرُ قَلْبَ دَاعِيهِ، وَإِلَّا كَانَ إتْمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْوَجِيزِ. وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَقِيلَ: نَصُّهُ " يَدْعُو، وَيَنْصَرِفُ ". وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وُجُوبُ الْأَكْلِ لِلْمُفْطِرِ. وَفِي مُنَاظَرَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ: لَوْ غَمَسَ إصْبَعَهُ فِي مَاءٍ وَمَصَّهَا: حَصَلَ بِهِ إرْضَاءُ الشَّارِعِ، وَإِزَالَةُ الْمَأْثَمِ بِإِجْمَاعِنَا، وَمِثْلُهُ: لَا يُعَدُّ إجَابَةً عُرْفًا، بَلْ اسْتِخْفَافًا بِالدَّاعِي.
فَائِدَةٌ
فِي جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ مَالِ مَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ أَقْوَالٌ:
أَحَدُهَا: التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا. قَطَعَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ فِي الْمُنْتَخَبِ. قُبَيْلَ بَابِ الصَّيْدِ. قَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَمَا قُلْنَا فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ. وَسَأَلَهُ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الَّذِي يُعَامِلُ بِالرِّبَا يَأْكُلُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آدَابِهَا وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنْ زَادَ الْحَرَامُ عَلَى الثُّلُثِ: حَرُمَ الْأَكْلُ، وَإِلَّا فَلَا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ ضَابِطٌ فِي مَوَاضِعَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْحَرَامُ أَكْثَرَ: حَرُمَ الْأَكْلُ، وَإِلَّا فَلَا. إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ. قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ وَرِثَ مَالًا فِيهِ حَرَامٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute