وَيُسْتَحَبُّ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ، أَنْ يُبَاسِطَ الْإِخْوَانَ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ، وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَالَةِ إذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ. وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُبَاسِطُ مَنْ يَأْكُلُ مَعَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنَّ مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ: أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ، بَلْ يَتَكَلَّمُونَ بِالْمَعْرُوفِ. وَيَتَكَلَّمُونَ بِحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ فِي الْأَطْعِمَةِ. انْتَهَى.
وَلَا يَتَصَنَّعُ بِالِانْقِبَاضِ. وَإِذَا أَخْرَجَ مِنْ فِيهِ شَيْئًا لِيَرْمِيَ بِهِ: صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الطَّعَامِ، وَأَخَذَهُ بِيَسَارِهِ. قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إلَيْهِمْ. وَيُقَدِّمُ مَا حَضَرَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. وَلَا يَسْتَأْذِنُهُمْ فِي التَّقْدِيمِ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْآدَابِ: كَذَا قَالَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا: وَلَا يُكْثِرُ النَّظَرَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الشَّرَهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا دُعِيَ إلَى أَكْلٍ: دَخَلَ إلَى بَيْتِهِ، فَأَكَلَ مَا يَكْسِرُ نَهْمَتَهُ قَبْلَ ذَهَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ: أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ النَّوَى وَالتَّمْرِ، فِي طَبَقٍ وَاحِدٍ. وَلَا يَجْمَعَهُ فِي كَفِّهِ، بَلْ يَضَعَهُ مِنْ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ. وَكَذَا كُلُّ مَا فِيهِ عَجَمٌ، وَثِقَلٌ. وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ: رَأَيْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَأْكُلُ التَّمْرَ، وَيَأْخُذُ النَّوَى عَلَى ظَهْرِ إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. وَرَأَيْته يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّوَى مَعَ التَّمْرِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَلِرَبِّ الطَّعَامِ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الضِّيفَانِ بِشَيْءٍ طَيِّبٍ، إذَا لَمْ يَتَأَذَّ غَيْرُهُ. وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُفَضِّلَ شَيْئًا، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِفَضْلَتِهِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute