أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ضَرْبَهَا إلَّا بَعْدَ هَجْرِهَا فِي الْفِرَاشِ، وَتَرْكِهَا مِنْ الْكَلَامِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: لَهُ ضَرْبُهَا أَوْ لَا. يَعْنِي: مِنْ حِينِ نُشُوزِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تَقْدِيرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَلَى الْأَوَّلِ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] فَإِنْ نَشَزْنَ فَ {وَاهْجُرُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] فَإِنْ أَصْرَرْنَ فَ {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] وَفِيهِ تَعَسُّفٌ. قَالَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَأَبِي الْخَطَّابِ: أَنَّ الْوَعْظَ وَالْهِجْرَانَ وَالضَّرْبَ عَلَى ظُهُورِ أَمَارَاتِ النُّشُوزِ عَلَى جِهَةِ التَّرْتِيبِ. قَالَ الْمَجْدُ: إذَا بَانَتْ أَمَارَاتُهُ زَجَرَهَا بِالْقَوْلِ، ثُمَّ هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَعِ وَالْكَلَامِ دُونَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ يَضْرِبُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ. وَالْوَاوُ وَقَعَتْ لِلتَّرْتِيبِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (فَلَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) . قَالَ الْأَصْحَابُ: عَشْرَةٌ فَأَقَلُّ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَضَرْبُهَا حَسَنَةٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا؟ . [وَلَا يَتْرُكُهُ عَنْ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ لَهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَقِيَاسُهُمَا: الْعَبْدُ، وَالدَّابَّةُ، وَالرَّعِيَّةُ، وَالْمُتَعَلِّمُ، فِيمَا يَظْهَرُ] . قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ، الْأَوْلَى: تَرْكُ السُّؤَالِ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ [وَالْأَوْلَى] : أَنْ يَتْرُكَهُ عَنْ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ. انْتَهَى.
فَالضَّمِيرُ فِي " تَرْكِهِ " عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ فِيهِ " وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهُ عَنْ الصَّبِيِّ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute