فِي نَفْلٍ. هَلْ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ؟ عَلَى مَا يَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ: أَنَّهُ يُتِمُّهَا. وَذَكَرَ الثَّانِيَ احْتِمَالًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ بُلُوغِهِ، ثُمَّ بَلَغَ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الطَّهَارَةِ: لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا، كَوُضُوءِ الْبَالِغِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ. وَقُصَارَاهُ: أَنْ يَكُونَ كَوُضُوءِ الْبَالِغِ لِلنَّافِلَةِ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مُحَرَّرًا فِي التَّيَمُّمِ قَبْلَ قَوْلِهِ " وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ "
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَةُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدِّينِ لَا يَصِحُّ نَفْلًا. فَإِذَا وُجِدَ فَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَبُ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي خِلَافًا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الْإِسْلَامُ أَصْلُ الْعِبَادَاتِ وَأَعْلَاهَا. فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ. وَمَعَ التَّسْلِيمِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ، أَوْ لِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا) . زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ " إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهَا، قَادِرًا عَلَى فِعْلِهَا " وَهُوَ مُرَادٌ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا لِمَنْ يَنْوِي الْجَمْعَ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ، لِأَجْلِ ذَلِكَ. وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِشَرْطِهَا. وَكَذَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ الِاشْتِغَالَ بِالشَّرْطِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنِّهَايَةِ لَهُ، وَغَيْرِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِشَرْطِهَا عَلَى قِسْمَيْنِ.
قِسْمٌ لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ. فَهَذَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِأَجْلِ تَحْصِيلِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقِسْمٌ يَحْصُلُ بَعْدَ زَمَنٍ قَرِيبٍ فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: يُجَوِّزُونَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute