للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنِّهَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا إلَّا لِنَاوِي جَمْعِهَا) ، أَوْ لِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا " فَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ، بَلْ مِنْ سَائِرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيُّ. فَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ صُوَرًا مَعْرُوفَةً كَمَا إذَا أَمْكَنَ الْوَاصِلَ إلَى الْبِئْرِ أَنْ يَضَعَ حَبْلًا يَسْتَقِي بِهِ، وَلَا يَفْرُغُ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ. أَوْ أَمْكَنَ الْعُرْيَانَ أَنْ يَخِيطَ ثَوْبًا، وَلَا يَفْرُغُ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَنَحْوِ هَذِهِ الصُّوَرِ. وَمَعَ هَذَا فَاَلَّذِي قَالَهُ هُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. وَمَا أَظُنُّ يُوَافِقُهُ إلَّا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا: أَنَّ الْعُرْيَانَ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى قَرْيَةٍ يَشْتَرِي مِنْهَا ثَوْبًا، وَلَا يُصَلِّ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ: لَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَلِكَ الْعَاجِزُ عَنْ تَعَلُّمِ التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى حَسَبَ حَالِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا كَانَ دَمُهَا يَنْقَطِعُ بَعْدَ الْوَقْتِ: لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّأْخِيرُ، بَلْ تُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِحَسَبِ حَالِهَا. انْتَهَى وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُهُ إنْ اسْتَيْقَظَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَاخْتَارَ أَيْضًا تَقْدِيمَ الشَّرْطِ إذَا اسْتَيْقَظَ آخِرَ الْوَقْتِ وَهُوَ جُنُبٌ وَخَافَ إنْ اغْتَسَلَ خَرَجَ الْوَقْتُ: اغْتَسَلَ وَصَلَّى، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ. وَكَذَلِكَ لَوْ نَسِيَهَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا يَجُوز لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ ". وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ الِاشْتِغَالِ بِالشُّرُوطِ: نَظَرٌ وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِمَّنْ يَعْلَمُهُ، بَلْ نَقَلُوا عَدَمَ الْجَوَازِ. وَاسْتَثْنَوْا: مَنْ نَوَى الْجَمْعَ لَا غَيْرُ. وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي هِدَايَتِهِ، وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ فِيهَا، وَفِي خُلَاصَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>