وَثَانِيهِمَا: أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَمْدًا حَتَّى بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ الصَّلَاةِ، وَلَا وَجْهَ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ لَهُ. انْتَهَى.
وَقَالَ ذَلِكَ أَيْضًا ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ التَّيَمُّمِ: إذَا خَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، أَوْ الْجِنَازَةَ وَنَحْوَهَا: هَلْ يَشْتَغِلُ بِالشَّرْطِ، أَوْ يَتَيَمَّمُ؟ وَيَأْتِي آخِرَ صَلَاةِ الْخَوْفِ: هَلْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أَمْ لَا؟ .
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا) أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْقَاتٌ مُوَسَّعَةٌ. لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ الْأَصْحَابُ بِمَا إذَا لَمْ يَظُنَّ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ كَمَوْتٍ وَقَتْلٍ وَحَيْضٍ، وَكَمَنْ أُعِيرَ سُتْرَةً أَوَّلَ الْوَقْتِ فَقَطْ، أَوْ مُتَوَضِّئٍ عَدِمَ الْمَاءَ فِي السَّفَرِ، وَطَهَارَتُهُ لَا تَبْقَى إلَى آخِرِ الْوَقْتِ. وَلَا يَرْجُو وُجُودَهُ. وَتَقَدَّمَ إذَا كَانَتْ لِلْمُسْتَحَاضَةِ عَادَةٌ بِانْقِطَاعِ دَمِهَا فِي وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَهَا. فَإِذَا انْتَفَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ فِعْلِهَا، لَكِنْ بِشَرْطِ عَزْمِهِ عَلَى الْفِعْلِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِدُونِ الْعَزْمِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ. وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. قَالَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَمَالَ إلَيْهِ الْقَاضِي فِي الْكِفَايَةِ. وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ: هَلْ يَأْثَمُ الْمُتَرَدِّدُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهَا عَنْ بَعْضِهَا أَمْ لَا؟
. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ فِي الْعَصْرِ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ لَا يُكْرَهُ أَدَاؤُهَا وَيَأْتِي فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ مَنْ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ قَبْلَ الْفِعْلِ، لَمْ يَأْثَمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute