وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
قُلْت: وَمِمَّا يُشْبِهُ أَصْلَ هَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِي الصَّوْمِ لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ، ثُمَّ جَامَعَ. فَإِنَّهُمْ قَالُوا: حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي. وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ. مِنْهُمْ ابْنُ بَطَّةَ، وَالْآجُرِّيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. بَلْ قَالُوا عَنْ غَيْرِ ابْنِ بَطَّةَ إنَّهُ لَا يَقْضِي أَيْضًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: خُلْعُ الْيَمِينِ هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا، أَوْ لَغْوًا، وَهُوَ أَقْوَى؟ فِيهِ نِزَاعٌ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ ضِدَّهُ كَالْمُحَلِّلِ.
[الثَّالِثَةُ: قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْفُرُوعِ قَالَ فِي الْمُغْنِي فِي الْكِتَابَةِ قَبْلَ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَبَضَ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا. فَقَالَ: فَصْلٌ. وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالَ كِتَابَتِهِ ظَاهِرًا. فَقَالَ لَهُ السَّيِّدُ " أَنْتَ حُرٌّ " أَوْ قَالَ " هَذَا حُرٌّ " ثُمَّ بَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا: لَمْ يُعْتَقْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا حَصَلَ لَهُ بِالْأَدَاءِ. وَلَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّ سَيِّدَهُ قَصَدَ بِذَلِكَ عِتْقَهُ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَهُوَ أَخْبَرَ بِمَا نَوَى. انْتَهَى]
الثَّالِثَةُ: لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ، ثُمَّ اسْتَفْتَى، فَأُفْتَى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ: لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ مِمَّا يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ. [لِأَنَّ] حَلِفَهُ عَلَى الْمُسْتَنَدِ دُونَ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يُعْلَمْ ضِمْنًا فَهُوَ وَسِيلَةٌ لَهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ، لِأَنَّهُ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَهُ، بِمَعْنَى تَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، لَا أَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا لَكَانَ عِلَّةً فَاعِلَةً لَا سَبَبِيَّةً، وَوَسِيلَةً. وَدَلِيلُهُ: قِصَّةُ " بَانَتْ سُعَادُ " حَيْثُ أَقَرَّ بِذَلِكَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute