للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ بِإِسْلَامِهِ دُونَهَا. فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ بِأَنَّهَا لَمْ تَبِنْ. وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حَقِّهَا وَهُوَ قَرِيبُ عَهْدِ الْإِسْلَامِ. وَذَلِكَ قَرِينَةُ جَهْلِهِ بِحُكْمِهِ فِي ذَلِكَ. وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ إنْشَاءَهُ، وَإِلَّا لَمَا نَدِمَ عَلَيْهِ مُتَّصِلًا بِهِ. وَإِنَّمَا نَدِمَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، لِتَوَهُّمِهِ صِحَّةَ وُقُوعِهِ. وَقِيَاسُهُ الْخُلْعُ. وَبَقِيَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضَةِ، أَوْ الْغَالِبِ لَهُ فِيهَا حَقٌّ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَحَقُّ غَيْرِهِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ بِدَلِيلِ مُسَامَحَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِهَجْرِهِ لَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ، وَهُوَ الشَّاعِرُ الصَّحَابِيُّ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهِ قَبْلَهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَخَاهُ مَالِكَ بْنَ زُهَيْرٍ، فَأَتَى إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. فَأَسْلَمَ. فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُسْلِمٌ مَعَهُ. فَامْتَدَحَهُ بِالْبُرْدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقِصَّةِ. وَحَقُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ حَقِّ اللَّهِ. بِدَلِيلِ سَهْمِ خُمُسِ الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَكَسْبِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ.

[الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَاشِيَتِهِ] قُلْت: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَيُقَوِّيهِ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ظَاهِرًا، ثُمَّ قَالَ: هُوَ حُرٌّ، ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ فِي بَابِ الْكِنَايَةِ. الْخَامِسَةُ: ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي وَاضِحِهِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمُسْتَفْتِي بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ، إنْ كَانَ أَهْلًا لِلرُّخْصَةِ كَطَالِبِ التَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا فَيَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَرَى التَّحَيُّلَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، وَالْخُلْعَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. انْتَهَى.

وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>