للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِإِكْثَارِهِمْ مِنْهُ، فَعَاقَبَهُمْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ، لَمَّا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ. فَيَكُونُ عُقُوبَةَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ، مِنْ التَّعْزِيرِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْهَا وَأَظْهَرُوهُ: سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً. انْتَهَى.

[وَاخْتَارَهُ الْحِلِّيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ. لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ فِي مُسْلِمٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّلَاثِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ. فَعَلَيْهِ: لَوْ أَرَادَ بِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ اتِّفَاقًا، إنْ امْتَنَعَ صِدْقُهُ، وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ] . وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ، فِي الْهُدَى وَغَيْرِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ نَقَلَهُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. وَحَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُمَا كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ طَلَّقَ الْبِكْرَ ثَلَاثًا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إيقَاعِ الثَّلَاثِ. وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ. وَشَذَّ طَاوُسٌ، وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، فَذَهَبُوا إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ: يَقَعُ وَاحِدَةً. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>