وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَةً فِي كَلِمَةٍ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي كَلِمَاتٍ ثَلَاثٍ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُغِيثٍ فِي وَثَائِقِهِ: أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ. إلَى طَلَاقِ سُنَّةٍ، وَطَلَاقِ بِدْعَةٍ. فَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي حَيْضٍ، أَوْ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ مُطْلَقٌ كَمْ يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَاقِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَقَالَ: قَوْلُهُ " ثَلَاثًا " لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَقَالَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَرَوَيْنَاهُ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ. وَقَالَ بِهِ مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ: ابْنُ زِنْبَاعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَقِيٍّ بْنِ مَخْلَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، فَقِيهُ عَصْرِهِ، وَأَصْبَغُ بْنُ الْحُبَابِ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ. وَقَدْ يَخْرُجُ بِقِيَاسٍ مِنْ غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَهُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ. انْتَهَى.
فَوُقُوعُ الْوَاحِدَةِ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُنَا لِكَوْنِهِ طَلَاقَ بِدْعَةٍ: لَا لِكَوْنِ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً، أَوْ آيِسَةً، أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، أَوْ حَامِلًا قَدْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا: فَلَا سُنَّةَ لِطَلَاقِهَا وَلَا بِدْعَةَ، إلَّا فِي الْعَدَدِ) هَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ. قَالَ الشَّارِحُ: فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُنَّ لَيْسَ لِطَلَاقِهِنَّ سُنَّةٌ وَلَا بِدْعَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَقْتِ. فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا. انْتَهَى.
وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَعَنْهُ: لَا سُنَّةَ لَهُنَّ وَلَا بِدْعَةَ، لَا فِي الْعَدَدِ وَلَا فِي غَيْرِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute