قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَفِي الْأُخْرَى: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً. وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي طُهْرَيْنِ فِي نِكَاحَيْنِ إنْ أَمْكَنَ. وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِنَّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، فِي الْهِدَايَةِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَب، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرُهُمْ: وُقُوعُ الثَّلَاثِ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا: إنَّ جَمْعَ الثَّلَاثِ يَكُونُ سُنَّةً. فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: فَإِذَا طَهُرَتْ طَلُقَتْ وَاحِدَةً. وَتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي نِكَاحَيْنِ آخَرَيْنِ، أَوْ بَعْدَ رَجْعَتَيْنِ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْقَوْلَ. فَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ " قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَقَعُ عَلَيْهَا السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ. فَلَوْ رَاجَعَهَا تَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى أُخْرَى، وَمَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُمْ هَذَا. قَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَوْقَعَ الثَّلَاثَ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا لِوَصْفِهِ الثَّلَاثَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ. فَأَلْغَى الصِّفَةَ، وَأَوْقَعَ الثَّلَاثَ كَمَا لَوْ قَالَ لِحَائِضٍ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْحَالِ لِلسُّنَّةِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا. فَإِنَّهُ قَالَ: يَقَعُ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ " لِلسُّنَّةِ ". قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَلْغَى قَوْلَهُ " لِلسُّنَّةِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute