وَلَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْت " كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ " إنْ قُمْت " قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ الْكَافِي، وَقِيلَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ " أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَهَا جَوَابًا " دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، قَالَ فِي الْكَافِي: فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الشَّرْطَ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ قُمْت فَقَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إنْ قَعَدْت إذَا قُمْت، أَوْ إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت: لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ) ، كَذَا قَوْلُهُ " إنْ قَعَدْت مَتَى قُمْت " وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَيُسَمِّيهِ النُّحَاةُ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، فَيَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ شَرْطًا لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ، فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " إنْ أَعْطَيْتُك، إنْ وَعَدْتُك، إنْ سَأَلْتِينِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ " لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ، ثُمَّ يَعِدُهَا، ثُمَّ يُعْطِيهَا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْعَطِيَّةِ الْوَعْدَ، وَفِي الْوَعْدِ السُّؤَالَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ سَأَلْتِينِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَفَوَائِدِ ابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ وَغَيْرِهِمْ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ الشَّرْطُ بِ " إذَا " كَانَ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِ " إنْ " كَانَ كَالْوَاوِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ " إنْ قَعَدْت إنْ قُمْت " كَقَوْلِهِ " إنْ قَعَدْت وَقُمْت " عِنْدَهُ، عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا، فَتَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا وُجِدَا، قَالَ: لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يَعْرِفُونَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute