ثُمَّ قَالَ " رَضِيت " طَلُقَتْ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى رِضًى مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ " إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ "؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِالنَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أَنَا أُحِبُّهُ) ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهَا، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً، سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْأُولَى، وَصَحَّحَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا " وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً "، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: لِاسْتِحَالَتِهِ عَادَةً، كَقَوْلِهِ " إنْ كُنْت تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خُرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَقَالَتْ " أَعْتَقِدُهُ " فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ، فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِ " إنَّ كُنْت تُحِبِّينَهُ بِقَلْبِك " وَإِنْ طَلُقَتْ فِي الْأُولَى، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَوْ قَالَ " إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَقَالَتْ " أَنَا أَبْغَضُهَا " وَكَذَا لَوْ قَالَ " إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ الْحَيَاةَ " وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهَا تُحِبُّهُ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute