قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَقْتُلَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَظُنَّهُ حَرْبِيًّا وَيَكُونُ مُسْلِمًا، أَوْ يَرْمِيَ إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ فَيُصِيبَ مُسْلِمًا، أَوْ يَتَتَرَّسُ الْكُفَّارُ بِمُسْلِمٍ، وَيَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَرْمِهِمْ فَيَرْمِيهِمْ، فَيَقْتُلُ الْمُسْلِمَ. فَهَذَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ) . عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهَا. وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: لَا تَجِبُ الدِّيَةُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِرَقِيِّ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ إمَامِنَا، وَمُخْتَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا: الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي، وَالشِّيرَازِيِّ، وَابْن الْبَنَّا، وَأَبِي مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ عَلَيْهِمْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَحَلُّ هَذَا فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي هُوَ بَيْنَ الْكُفَّارِ مَعْذُورٌ، كَالْأَسِيرِ، وَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَةُ، وَالْخُرُوجُ مِنْ صَفِّهِمْ. فَأَمَّا الَّذِي يَقِفُ فِي صَفِّ قِتَالِهِمْ بِاخْتِيَارِهِ: فَلَا يَضْمَنُ بِحَالٍ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ " كِتَابِ الْجِهَادِ " فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ " وَعَنْهُ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: عَكْسُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا قَالَ: وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَيُصَلِّي وَيُكَفِّرْ كَذَا هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute