الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَوْ أَرْكَبَهُمَا مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمَا: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ أَرْكَبَهُمَا لِمَصْلَحَةٍ، فَهُمَا كَمَا لَوْ رَكِبَا وَكَانَا بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا أَرْكَبَهُمَا لِيُمَرِّنَهُمَا عَلَى الرُّكُوبِ إذَا كَانَا يَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا. فَأَمَّا إنْ كَانَا لَا يَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا مَا يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مِثْلِهِمَا: لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: لَوْ رَكِبَ الصَّغِيرَانِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمَا: فَهُمَا كَالْبَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ اصْطَدَمَ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ. فَإِنْ مَاتَ الصَّغِيرُ: ضَمِنَهُ الْكَبِيرُ. وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ: ضَمِنَهُ الَّذِي أَرْكَبَ الصَّغِيرَ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ تَجَاذَبَ اثْنَانِ حَبْلًا أَوْ نَحْوَهُ، فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا: فَهُمَا كَالْمُتَصَادَمِينَ سَوَاءٌ انْكَبَّا أَوْ اسْتَلْقَيَا، أَوْ انْكَبَّ أَحَدُهُمَا وَاسْتَلْقَى الْآخَرُ. لَكِنَّ نِصْفَ دِيَةِ الْمُنْكَبِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُسْتَلْقِي مُغَلَّظَةً، وَنِصْفَ دِيَةِ الْمُسْتَلْقِي عَلَى عَاقِلَةِ الْمُنْكَبِّ مُخَفَّفَةً قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ " بَابِ الْغَصْبِ " أَحْكَامُ مَا إذَا اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ فَلْيُعَاوَدْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ. فَقَتَلَ الْحَجَرُ إنْسَانًا: فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَتِهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute