وَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَرَمْيِهِ عَنْ قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وَحَجَرٍ عَنْ يَدٍ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَفْدِيهِ الْإِمَامُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَيْهِمْ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ ذَلِكَ عَمْدًا، إذَا كَانَ الْغَالِبُ الْإِصَابَةَ. قُلْت: إنْ قَصَدُوا رَمْيَهُ: كَانَ عَمْدًا، وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ: فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ. وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْأَدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: هَذَا أَحْسَنُ، وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
وَالثَّالِثُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ، وَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَيْنِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. وَهَذَا الْوَجْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ فِي أَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute