للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيمَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ: لَمْ يَكُنْ بِسَبَبٍ مِنْهُ. فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الطَّعَامِ: فَإِنَّهُ مَنَعَهُ مِنْهُ مَنْعًا كَانَ سَبَبًا فِي هَلَاكِهِ، فَافْتَرَقَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ " لَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ " فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادَهُمْ: فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي غَزَاةٍ لَمْ يَلْزَمْ مَنْ مَعَهُ فَضْلُ حِمْلِهِ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُذَكِّرُ النَّاسَ. فَإِنْ حَمَلُوهُ، وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ.

فَائِدَةٌ: مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ شَخْصٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ. فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهُ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحِ. وَقِيلَ: الْوَجْهَانِ أَيْضًا فِي وُجُوبِ إنْجَائِهِ. قُلْت: جَزَمَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي فَتَاوِيهِ بِاللُّزُومِ. وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي " كِتَابِ الصِّيَامِ ".

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ: هَكَذَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ وَقَفْت عَلَى كَلَامِهِ. وَخَصُّوا الْحُكْمَ بِالْإِنْسَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كُلِّ مَضْمُونٍ إذَا أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِالْإِنْسَانِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كُلِّ ذِي رُوحٍ. كَمَا اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى بَذْلِ فَضْلِ الْمَاءِ لِلْبَهَائِمِ. وَحَكَوْا فِي الزَّرْعِ رِوَايَتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>