قَوْلُهُ (وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ) . بِلَا نِزَاعٍ. وَيَجِبُ حُضُورُهُ هُوَ، أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ مَقَامَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجِبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَأَبْطَلَا غَيْرَهُ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَجِيءُ النَّاسُ صُفُوفًا لَا يَخْتَلِطُونَ، ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا.
فَائِدَةٌ: يَجِبُ حُضُورُ طَائِفَةٍ فِي حَدِّ الزِّنَا، وَالطَّائِفَةُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا وَاحِدًا مَعَ الَّذِي يُقِيمُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْحَدَّ حَاصِلٌ ضَرُورَةً. فَتَعَيَّنَ صَرْفُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِهِ. قَالَ فِي الْكَافِي، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَقَلُّ ذَلِكَ وَاحِدٌ مَعَ الَّذِي يُقِيمُ الْحَدَّ، وَاخْتَارَ فِي الْبُلْغَةِ: اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا؛ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ: الْجَمَاعَةُ. وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ. قَالَ الْقَاضِي: الطَّائِفَةُ: اسْمُ الْجَمَاعَةِ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} [النساء: ١٠٢] وَلَوْ كَانَتْ الطَّائِفَةُ وَاحِدًا لَمْ يَقُلْ {فَلْيُصَلُّوا} [النساء: ١٠٢] . وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ الطَّائِفَةُ اسْمُ جَمَاعَةٍ. وَأَقَلُّ اسْمِ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْعَدَدِ: ثَلَاثَةٌ. وَلَوْ قَالَ " جَمَاعَةٍ " لَكَانَ كَذَلِكَ. فَكَذَا إذَا قَالَ " طَائِفَةٍ " وَسَبَقَ فِي الْوَقْفِ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ. قُلْت: كَلَامُ الْقَاضِي فِي اسْتِدْلَالِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا} [النساء: ١٠٢] غَيْرُ قَوِيٍّ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يَقُولُ بِهَذَا أَيْضًا وَلَا يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ عِنْدَهُ تَشْمَلُ الْجَمَاعَةَ وَتَشْمَلُ الْوَاحِدَ. فَهَذِهِ الْآيَةُ شَمِلَتْ الْجَمَاعَةَ. لَكِنْ مَا نَفَتْ أَنَّهَا تَشْمَلُ الْوَاحِدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute