الثَّالِثُ: مُرَادُهُ بِالْعَفِيفِ هُنَا: الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا ظَاهِرًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ:
وَقَاذِفُ الْمُحْصَنِ فِيمَا يَبْدُو ... وَإِنْ زَنَى فَقَاذِفٌ يُحَدُّ
، وَقِيلَ: هُوَ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا وَوَطْءٍ لَا يُحَدُّ بِهِ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ: وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ: هَلْ يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ أَمْ لَا؟ . قُلْت: تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فِي " بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ ". وَقِيلَ: يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ بَاطِنِ عِفَّةٍ.
فَائِدَةٌ: لَا يَخْتَلُّ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ. بَلْ يَكُونُ مِثْلُهُ يَطَأُ أَوْ يُوطَأُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ إذَا كَانَ ابْنَ عَشْرَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: هَذِهِ أَشْهَرُهُمَا. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَشْهَرُهُمَا يَجِبُ الْحَدُّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَالْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَاتِهِمْ وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ الْبَنَّاءِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهَادِي، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute