وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لَوْ سَأَلَهُ، فَيُعْرِضُ. وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ. وَمَنْ جَوَّزَ التَّصْرِيحَ فِي الْكَذِبِ الْمُبَاحِ: فَهُنَا فِيهِ نَظَرٌ. وَمَعَ عَدَمِ التَّوْبَةِ وَالْإِحْسَانِ: تَعْرِيضُهُ كَذِبٌ، وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ. قَالَ: وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا لَا يُعْلِمُهُ، بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَظْلِمَتِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا: وَزِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَالْغِيبَةِ. قُلْت: بَلْ أَوْلَى بِكَثِيرٍ. وَاَلَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعْلِمَهُ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِالْغِيبَةِ. فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي فِي الْغَالِبِ إلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ. وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْقَتْلِ. وَذُكِرَ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فِي الْغُنْيَةِ: إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ وَأَهْلِهِ وَغِيبَتِهِ بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ فَهُنَا لَا طَرِيقَ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ. وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ مَا، فَيَجْبُرُهُ بِالْحَسَنَاتِ، كَمَا تُجْبَرُ مَظْلِمَةُ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ. انْتَهَى.
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ: لَا يَصِحُّ إحْلَالُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِإِبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً. قُلْت: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إبَاحَتَهَا ابْتِدَاءً كَالذَّمِّ وَالْقَذْفِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي اسْتِحْلَالُهُ. فَإِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُبَحْ. وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ، وَإِذْنُهُ فِي عِرْضِهِ كَإِذْنِهِ فِي قَذْفِهِ هِيَ كَإِذْنِهِ فِي دَمِهِ وَمَالِهِ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَيْسَ لَهُ إبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ. وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ بِأَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُغْتَابَ: لَمْ يُبَحْ ذَلِكَ انْتَهَى. فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِمَا فَعَلَ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَحَلَّلَهُ: فَهُوَ كَإِبْرَاءٍ مِنْ مَجْهُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute