للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ " بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي " إذَا افْتَاتَ خَصْمٌ عَلَى الْحَاكِمِ: لَهُ تَعْزِيرُهُ. مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ إجْمَاعًا. فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ كَحَقِّ آدَمِيٍّ، الْمُفْتَقِرِ جَوَازُ إقَامَتِهِ إلَى طَلَبٍ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: إنْ كَانَ التَّعْزِيرُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ وَجَبَ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ: وَجَبَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِهِ. وَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ عَنْهُ جَازَ. وَيَجِبُ إذَا طَالَبَ الْآدَمِيُّ بِحَقِّهِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: يَجِبُ فِي مَوْضِعَيْنِ، فِيهِمَا الْخَبَرُ. إلَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا، فَلَهُ تَرْكُهُ. قَالَ الْمَجْدُ: فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ تَائِبًا: لَمْ يُعَزَّرْ عِنْدِي. انْتَهَى. وَإِنْ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا وَجَبَ. وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ. مَعَ أَنَّ فِيهَا: لَهُ الْعَفْوُ عَنْ حَقِّ اللَّهِ. وَقَالَ: إنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا. وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَسْقُطُ بِعَفْوِ آدَمِيٍّ حَقُّهُ وَحَقُّ السَّلْطَنَةِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ: لَا يَسْقُطُ، لِلتَّهْدِيدِ وَالتَّقْوِيمِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَلَوْ قَذَفَ مُسْلِمٌ كَافِرًا: التَّعْزِيرُ لِلَّهِ. فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ. نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِيمَنْ زَنَى صَغِيرًا لَمْ نَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي صَبِيٍّ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِي لَيْسَ قَوْلُهُ شَيْئًا. وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ. وَكَذَا فِي الْمُغْنِي، وَزَادَ: وَلَا لِعَانَ، وَأَنَّهُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يُعَاقَبُ عَلَى الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا. وَكَذَا الْمَجْنُونُ يُضْرَبُ عَلَى مَا فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ. لَكِنْ لَا عُقُوبَةَ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>