وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: دَلَّ حَدِيثُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ. وَرَدَّهُ فِي الْفُرُوعِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: يُعَنَّفُ ذُو الْهَيْئَةِ. وَغَيْرُهُ يُعَزَّرُ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا جَرْحُهُ، وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيُتَوَجَّهُ أَنَّ إتْلَافَهُ أَوْلَى، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ: لَا يَجُوزُ. وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّعْزِيرَ بِقَطْعِ الْخُبْزِ، وَالْعَزْلِ عَنْ الْوِلَايَاتِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا نَفْيَ إلَّا لِلزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: نَفْيُهُ دُونَ سَنَةٍ. وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَبِنَفْيِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ. وَهُوَ الْحَزْمُ عِنْدَنَا. وَلَا تَقِفُ السِّيَاسَةُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَوْلُهُ " اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك " كَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ، نَحْوُ " يَا كَلْبُ " فَلَهُ قَوْلُهُ لَهُ، أَوْ تَعْزِيرُهُ. وَلَوْ لَعَنَهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَلْعَنَهُ؟ يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ. وَمَنْ لَعَنَ نَصْرَانِيًّا: أُدِّبَ أَدَبًا خَفِيفًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَدَرَ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَقَالَ أَيْضًا: وَمَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ ظُلْمًا: فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى ظَالِمِهِ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِ نَحْوُ " أَخْزَاك اللَّهُ " أَوْ " لَعَنَك اللَّهُ " أَوْ يَشْتُمُهُ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ، نَحْوُ " يَا كَلْبُ، يَا خِنْزِيرُ " فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ. وَمَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ فَمَا صَبَرَ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute