الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي آخِرِ التَّمْهِيدِ: يُصَلِّيهَا حَسَبَ حَالِهِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا قَدَرَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ يُصَلِّي وَيُعِيدُ. قَوْلُهُ (لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الثِّقَةِ إذَا كَانَ عَنْ يَقِينٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَيْسَ لِلْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ بَعِيدٌ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ (أَوْ اسْتِدْلَالٍ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ: لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ. فَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْقِبْلَةِ، وَسَوَاءٌ كَانُوا عُدُولًا أَوْ فُسَّاقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ إلَّا إذَا كَانَ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْوَجِيزِ. قُلْت: وَهُمَا ضَعِيفَانِ جِدًّا وَقَطَعَ الزَّرْكَشِيُّ بِعَدَمِ الِاجْتِهَادِ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَحُكِيَ الْخِلَافُ فِي غَيْرِهِمَا.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " أَوْ اسْتِدْلَالٍ بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِغَيْرِ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِمَحَارِيبِ الْكُفَّارِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ قِبْلَتَهُمْ، كَالنَّصَارَى. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يَجْتَهِدُ فِي مِحْرَابٍ لَمْ يُعْرَفْ بِمَطْعَنٍ بِقَرْيَةٍ مَطْرُوقَةٍ قَالَ: وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ: وَلَا يَنْحَرِفُ؛ لِأَنَّ دَوَامَ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ كَالْقَطْعِ، كَالْحَرَمَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute