قَوْلُهُ (فَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي السَّفَرِ اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهَا بِالدَّلَائِلِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي السَّفَرِ: اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهَا فَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ جِهَةُ الْقِبْلَةِ صَلَّى إلَيْهَا، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا يَجْتَهِدُ. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ، وَخَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، مِنْ مَنْصُوصِهِ فِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ قَوْلُهُ (وَأَثْبَتَهَا: الْقُطْبُ إذَا جَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: يَنْحَرِفُ فِي دِمَشْقَ وَمَا قَارَبَهَا إلَى الْمَشْرِقِ قَلِيلًا، وَكُلَّمَا قَرُبَ إلَى الْمَغْرِبِ كَانَ انْحِرَافُهُ أَكْثَرَ. وَيَنْحَرِفُ بِالْعِرَاقِ وَمَا قَارَبَهُ إلَى الْمَغْرِبِ قَلِيلًا، وَكُلَّمَا قَرُبَ إلَى الشَّرْقِ كَانَ انْحِرَافُهُ أَكْثَرَ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " إذَا جَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ " إذَا كَانَ بِالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَحَرَّانَ وَسَائِرِ الْجَزِيرَةِ وَمَا حَاذَى ذَلِكَ، قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ فَلَا تَتَفَاوَتُ هَذِهِ الْبُلْدَانُ فِي ذَلِكَ إلَّا تَفَاوُتًا يَسِيرًا مَعْفُوًّا عَنْهُ.
قَوْلُهُ (وَالرِّيَاحُ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الرِّيَاحَ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ، عَلَى صِفَةٍ مَا، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: الِاسْتِدْلَال بِالرِّيحِ ضَعِيفٌ.
فَوَائِدُ. الْأَوْلَى: " الْجَنُوبُ " تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَشْرِقِ، وَ " الشَّمَالُ " تُقَابِلُهَا وَ " الدَّبُورُ " تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَغْرِبِ، وَ " الصَّبَا " تُقَابِلُهَا، وَتُسَمَّى الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ بَابَ الْكَعْبَةِ يُقَابِلُهُ. وَعَادَةُ أَبْوَابِ الْعَرَبِ إلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ فَتُقَابِلُهُمْ، وَمِنْهُ: سُمِّيَتْ الْقِبْلَةُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَالرِّيَاحُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ دَلَائِلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute