فَأَمَّا قِبْلَةُ الشَّامِ: فَهِيَ مُشْرِقَةٌ عَنْ قِبْلَةِ الْعِرَاقِ فَيَكُونُ مَهَبُّ الْجَنُوبِ لِأَهْلِ الشَّامِ قِبْلَةً. وَهُوَ مِنْ مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، وَ " الشَّمَالُ " مُقَابِلَتُهَا تَهُبُّ مِنْ ظَهْرِ الْمُصَلِّي؛ لِأَنَّ مَهَبَّهَا مِنْ الْقُطْبِ إلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ فِي الصَّيْفِ. وَالصَّبَا تَهُبُّ عَنْ يَسْرَةِ الْمُتَوَجِّهِ إلَى قِبْلَةِ الشَّامِ، لِأَنَّ مَهَبَّهَا مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ فِي الصَّيْفِ إلَى مَطْلَعِ " الْعَيُّوقِ "، قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَ " الدَّبُّورُ " مُقَابِلَتُهَا.
الثَّانِيَةُ: مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ: الْأَنْهَارُ الْكِبَارُ غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ. فَكُلُّهَا بِخِلْقَةِ الْأَصْلِ تَجْرِي مِنْ مَهَبِّ الشَّمَالِ مِنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَسْرَتِهِ عَلَى انْحِرَافٍ قَلِيلٍ، إلَّا نَهْرًا بِخُرَاسَانَ وَنَهَرًا بِالشَّامِ عَكْسُ ذَلِكَ فَلِهَذَا سُمِّيَ الْأَوَّلُ " الْمَقْلُوبُ " وَالثَّانِي " الْعَاصِي "، وَمِمَّنْ قَالَ يُسْتَدَلُّ بِالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ: صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ.
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْقِبْلَةِ: الْجِبَالُ فَكُلُّ جَبَلٍ لَهُ وَجْهٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ يَعْرِفُهُ أَهْلُهُ وَمَنْ مَرَّ بِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ.
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْقِبْلَةِ: الْمَجَرَّةُ فِي السَّمَاءِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فَتَكُونُ مُمْتَدَّةً عَلَى كَتِفِ الْمُصَلِّي الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ [فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ] ، وَفِي آخِرِهِ عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْمَنِ فِي الصَّيْفِ، وَفِي الشِّتَاءِ تَكُونُ أَوَّلَ اللَّيْلِ مُمْتَدَّةً شَرْقًا وَغَرْبًا عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ إلَى نَحْوِ جِهَةِ الْمَشْرِقِ، وَفِي آخِرِهِ عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْمَنِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الصَّيْفِ.
الثَّالِثَةُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ عَكْسُهُ لِنُدْرَتِهِ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: فَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَخَفِيَتْ الْقِبْلَةُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، لِقِصَرِ زَمَنِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيُقَلِّدُ لِضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَيَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ مَعَ سَعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute