وَقِيلَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالصَّامِتِ، أَوْ يَعُمُّ غَيْرَهُ بِلَا نِيَّةٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: أَنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَالٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسْبِ عَزْمِهِ. وَنَصّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ الصَّامِتِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ؟ قَالَ: إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى قَدْرِ مَا نَوَى، أَوْ عَلَى قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ. وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عِنْدَ النَّاسِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ: أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ. لِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ. فَإِنْ نَفِدَ هَذَا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ، وَقَضَى دَيْنَهُ. فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يَوْمَ حِنْثِهِ. قَالَ فِي الْهَدْيِ: يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ: يَوْمَ نَذْرِهِ. وَهَذَا صَحِيحٌ. قِيلَ: فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَإِنَّمَا نَصُّهُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يَوْمَ نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ دَيْنِهِ. وَهَذَا عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَحِيحٌ فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ. وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِكَوْنِ قَدْرِ الدِّينِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ مِنْ النَّذْرِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِأَلْفٍ: لَزِمَهُ جَمِيعُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute